الثلاثاء، 11 نوفمبر 2008

دبلوماسية التيه العربي


كلما بحثت لعلّي أجد سببا واحدا يقنعني بالقبول بدبلوماسية 'بدعة حوار الأديان' التي تطوف العالم العربي وحده، أصاب بإحباط شديد لأني لا أجد جوابا مقنعا بضرورة الاستمرار في هذه 'البدعة' غير الحسنة، في الدوحة على مدى خمس سنوات أو أكثر التقى أتباع الديانات السماوية الثلاثة، مؤتمرات موازية أيضا عقدت في دولة الإمارات العربية، وصنعاء والإسكندرية ومالطة وليبيا والمغرب، كل تلك المؤتمرات لم تقدم ما ينفع العرب والمسلمين لخدمة دينهم ودنياهم، وانتقل حوار الأديان تحت مظلة عربية إسلامية إلى مدريد ومنها إلى نيويورك وأيضا الداعي والممول عربي والخاسر عربي والرابح إسرائيلي بكل معاني الربح والانجاز.أقول الرابح هو إسرائيل، لأنها التقت وتحاورت حوارات سياسية مطلقة مع العرب في عواصمهم، وتلك الحوارات بكل ما فيها من دهاء وخداع صهيوني نقلت على وسائل الإعلام العربي بكل أنواعها ودخلت تلك الحوارات كل بيت عربي، أليس ذلك اكبر انجاز لإسرائيل؟كل خوفي أن يتحول حوار الأديان الذي سينطلق في نهاية هذا اليوم الثلاثاء في نيويورك إلى مؤتمر مصالحة ومصافحة بين الملك عبد الله آل سعود ملك المملكة العربية السعودية ورئيس الدولة الصهيونية شمعون بيريز، قد تكون تلك المصافحة والمصالحة سرا وبعيدا عن الأنظار حتى لا تسبب حرجا لخادم الحرمين الملك عبد الله ولكن عصر الأسرار ولى وإلى غير رجعة.أرجو ان تتسع صدور ولاة أمرنا لمواطن يطرق أبواب الستين عاما أن يطرح عليهم سؤالا واحدا، وهو إذا كنتم تؤمنون بجدوى الحوار وفاعليته، فلماذا لا يتحاور ولاة أمرنا معنا نحن المواطنين؟ حوار حول الأمن الوطني، والمال العام وكيفية إنفاقه، وسباق أهل المال والنفوذ على تطويق البراري والقفار والاستيلاء على ملكيتها، حوار حول التعليم الذي مسخ في كل أقطار الوطن العربي لخدمة الآخر، حوار بكل تجرد عن الأموال المستثمرة في خارج الوطن العربي وما أصابها من خسائر في الظروف المالية الدولية الراهنة، حوار حول الإصلاح والمشاركة في صناعة القرار. أرجو الله أن تجد هذه الفكرة وقعا عند ولاة الأمر فينا.كنا نترقب معجزة الدبلوماسية المصرية في إنجاح 'الحوار الفلسطيني ـ الفلسطيني' الذي دعت إليه القاهرة ولكن ولسوء الطالع لم تكلل الجهود المصرية بالنجاح، وذلك لأسباب وأسباب أهمها أن الورقة المصرية المقدمة إلى أطراف الحوار كانت عبارة عن املاءات وليست مشروع حوار، اعترض الكثير من الفصائل الفلسطينية الفاعلة على بعض بنود تلك الوثيقة ولم تستجب مصر لتلك الاعتراضات، مصر بوصفها الدولة الداعية والمضيفة فضلت دعوة أطراف فلسطينية وتجاهلت أطراف فلسطينية أخرى، وهذا عامل زاد في توسيع الهوة بين أطرافا العمل الفلسطيني، أمر آخر، كيف تكون الحكومة المصرية وسيطا نزيها وهي تفرض حصارا ظالما على قطاع غزة لصالح إسرائيل وسلطة عباس رام الله، وقطع الطرق البرية وما تحت سطح الأرض بمعونة أمريكية ـ إسرائيلية، كي لا يصل إلى سكان قطاع غزة (مليون ونصف المليون إنسان) ما يعين على الحياة؟ مصر كانت قد عملت بكل جهودها مع حماس والجهاد للتهدئة بين المقاومة الفلسطينية في غزة وإسرائيل، على أن تفتح معبر رفح المصري مع غزة، وتفتح إسرائيل المعابر جميعها مع القطاع، فتمت التهدئة ولم تلتزم الحكومة المصرية بوعودها للطرف الفلسطيني وكذلك فعلت إسرائيل. أضف إلى ذلك حملة الاعتقالات التي قامت بها سلطة رام الله العباسية في صفوف أنصار وكوادر وقادة حماس في الضفة الغربية عشية انعقاد 'الحوار الفلسطيني' في القاهرة ولم تحرك مصر ساكنا، في الوقت الذي أبدت حماس مرونة تحمد في هذا المجال إذ أنها أطلقت كل المعتقلين السياسيين من حركة فتح في غزة. استطيع القول بكل ثقة، إن الحلف الثلاثي المصري الفلسطيني رام الله، وإسرائيل يعمل بكل جهد للوصول بالحصار القاتل على غزة إلى ابعد الحدود كي تنهار القيم والمعنويات والآمال في القطاع، ثم يتم الإجهاز على القطاع بالجيش الإسرائيلي ويجري تسليمه لفريق رام الله والعرب يتفرجون. امتعاض بعض العرب جراء تعيين الرئيس الأمريكي المنتخب بعض اليهود في مراكز حساسة في إدارته يبعث للسخرية، لان أمريكا تتعامل مع الأكفاء ونادرا ما تكون التعيينات مبنية على المحسوبية. الأمر الثاني ماذا فعل العرب ــ وهنا اعني القيادات ــ للفلسطينيين والعراقيين المقاومين وغيرهم، ماذا عملوا لقضاياهم المصيرية؟ إذا كنا نريد أن يحترمنا الغرب كله فعلينا أن نحترم قيمنا ونحافظ على سيادتنا ونشيع بيننا التراحم والمحبة وان لا نكون عجينة لينة يعبث بنا الأعداء، وأرجو أن لا يتدافع ولاة امرنا إلى حضن الادارة الامريكية القادمة مجانا وان يكون مهرنا غاليا وإلا فعلينا السلام. القدس العربي

ليست هناك تعليقات: