الأحد، 9 نوفمبر 2008


:: يوم الأرض في الأدب الشعبي الفلسطيني

السبت, 08 نوفمبر, 2008
بقلم : عابد عبيد الزريعي
" قال : الأرض بتفرق ع شبر قالوا : وآنت الصادق ع ظفر "مثل شعبي فلسطينيجاء يوم الأرض في الثلاثين من مارس 1976 , كتتويج لمسار نضالي ، بدأت ملامحه في التشكل بعد هزيمة 1948 . حيث وجدت الجماهير الفلسطينية ، التي لم تغادر وطنها , نفسها وبشكل مباشر في أتون معركتين ضاريتين ، الأولى هي معركة الأرض وحمايتها من المصادرة , والثانية هي معركة الإنسان , وحمايته من الاستلاب ومحو هويته الوطنية , وكانت تدرك أنها في سياق معركتها في الدفاع عن الأرض , تبلور شخصيتها الوطنية وتحميها من الاستلاب .وخلال هذا المسار كان الأدب الشعبي , في قلب المعركة , وكان المبدعون الشعبيون هم الناطقون الرسميون باسم الجماهير المناضلة ، والمعبرين بصدق وأمانة , عن صمود الإنسان وتصديه لسياسة مصادرة الأرض ، التي انتهجتها الحكومة الإسرائيلية ، في محاولة منها لاستغلال تداعيات الهزيمة على عقل ووجدان الإنسان , الذي لم يكن أمامه آلا آن يقبض على كل حفنة من التراب , يتنسم رائحتها الزكية ، ويرص الكتف آلي الكتف دفاعا عنها وحماية لها : وفتحنا لابواب الفن غالين // وقلوبنا من مزيد الشوق غالينكروم الناصرة عالكل غالين // وأغلى من شي اسمو الذهببلاد العز لاتقولوا نسي لها // اباترنا بايدينا نسلهايارب بلادنا يكثر نسلها // ولكل شجرة زيتون اربع صحابوتسجل الاهزوجة الشعبية صمود الجماهير في وجه رصاص العدو في ايار 1958 ، وهي تتصدى لسياسة مصادرة الارض ، مستمدة العزم من ايمانها وتمسكها بحقوقها الوطنية ، ومن وعيها بانتمائها القومي ، الذي جسدته جماهير بورسعيد بصمودها في عدوان 1956 :والناصرة ركن الجليل // فيك البوليس مدحوليارض العروبة تحررت // دايان شيل وارحلاخواننا في بورسعيد // الهم تاريخ مسجليلو وقعت سابع سما // عن ارضنا مابنرحلكما يسجل الأدب الشعبي بطولة الجماهير التي انتصرت على قرار موسي ديان بمصادرة الاف الدونمات من الأرض العربية في نحف والنبعة ودير الاسد بمنطقة شاغور بشمال فلسطين :نادى المنادي في الجليل // ارض العروبة للعربشاغور مالك مثيل // وترابك اغلى من الذهبوبوحدة رجال الشاغور // امر المصادرة انشطبديان امرك مستحيل // بالوحدة راح ينشطبكما كان الأدب الشعبي هو المعبر عن حالة التواصل والتفاعل النضالي , بين الجماهير الفلسطينية في الضفة والقطاع واراضي 1948 , بعد هزيمة حزيران 1967 , فقد عكس هذه المسألة بعمق شديد ، في كثير من الأغاني والأهازيج ، التي ترسم صورة حية وقادة للنضال الجماهيري داخل الوطن المحتل , وتعبر عن توق الإنسان الفلسطيني للحرية ، ونضاله من اجل كنس الاحتلال : مهما طول عتم الليل // بتجليه شمس الحريةمهما طال الليل وطال // وغطى سواده ع الاطلالعنا في الوطن ابطال :: بتعيد شمس الحرية وهي صورة مشهدية , تمتاز باتساعها وغنى عناصر الفعل المكونة لها والتي تمنحها الحيوية والحركة , وينبني هذا الاتساع على الإيمان الواعي , بوحدة النضال الجماهيري داخل الأرض المحتلة، عام 1967 ، أوتلك التي احتلت بعد هزيمة 1948 ، خاصة وان سياسة مصادرة الأرض ، قد امتدت وتواصلت ، في كل الأرض المحتلة , تقول الأغنية : هبت ارباب الاعلامتحيي الجرأة والاقدامشعب الضفة ثار وقاممن غزة حتى اليامونهبت كل الملايينتحيا نابلس وجنينغزة ومعاها برقين //وحيفا وعكا وعفولهويافا النا واللطرونويرسم الأدب الشعبي صورة لنضال الجماهير الفلسطينية ، التي تواصل تصديها , لمحاولات العدو قمع حركتهم النضالية بالاعتقال ومنع التجول ، فيقول الشاعر على لسان الجماهير :- مش ممكن ندخل ملجا // لابالسيله ولا بعجهومن الطيرة ومن برقا // بساحات الميادينا- على ارض الضفة في شعب يناضل // من اجل الحرية اوقد مشاعلفي الجليل الغالي , وغزه ع الساحل // وانت يافلاح وانت ياعامل // اطرد من ارضك جيش الصهيوناآن الأدب الشعبي لا يكتفي برسم صورة الحركة الجماهيرية الناهضة ضد الاحتلال ، ولكنه يتجاوز آلي تبريرها ، وصياغة مصداقيتها ، المستندة آلي الوعي ، بجوهر العدو الصهيوني ، المتمثل في الاقتلاع والاستيطان , تقول الاغنية : ميجنا ياميجنا ياميجنايابا الدهر دولابو دار بيوبصيح وفش عادل داربييابا الحرامي صار ساكن دار بيوعم يسميني مخرب ابوابآن احتلال الارض / الحرامي / وغياب العدل / فش عادل / بقدر مايبرر حق صاحب البيت في النضال من اجل استعادته ، فانه يفند في ذات الوقت كل محاولة لوسم هذا النضال بالتخريب ، ويضعه في موقعه الصحيح ، الذي يجب آن يكون في مواجهة الاحتلال / الذين طردوا وسكنوا / حتى استعادة ارض الجدود كما يقول النص : مكرس حياتي جاي حرر الاوطان // من اللي طردني من دياري وسكن فيهاارض الجدود من قديم الزمان // بدمي وبدم اولادي بفديهاوفي هذا المسار النضالي ، المقاوم لسياسة الاحتلال ، القائمة على الاقتلاع ، ومصادرة الأراضي ، من اجل بناء المستوطنات ، وتحويل المزارعين الفلسطينيين آلي عمال من الدرجة الثانية في الاقتصاد الإسرائيلي, انفجرت انتفاضة يوم الأرض ، في الأراضي المحتلة عام 1948 , ليمتد لهيبها آلي الضفة والقطاع , ويتجاوب معها الشعب الفلسطيني في مختلف بلدان الشتات .وقد تميزت صورة انتفاضة يوم الأرض ، في الأدب الشعبي ، بعناصرها / الأرض والدم والشجر والخيل والفرسان / التي تكشف عن إرادة الشعب الفلسطيني الوهاجة ، وتصميمه على حماية كل شبر من ارضه , تقول الاغنية :لاجل الزيتونة والتوت // واشجار الماندلينابدنا نحارب حتى نموت // او ترجع فلسطيناوترسم الأغنية الشعبية المشهد الكامل ليوم الأرض ، حيث يتوحد الإنسان بالوطن ، وتتلون الأرض بالأحمر القاني ، وتردد أغاني الشعب :يا طلت خيلنا من قاع وادي // يا طلت خيلنا من قاع واديعوايد رجالنا تكيد الاعادي // عوايد رجالنا تكيد الاعاديياطلت خيلنا من دير حنا // يومك يارض والشعب غنىياطبت خيلنا من كفر كنا // يومك يارض والدم غنىياطلت خيلنا من مجد الكروم // دمك شبابنا ع الارض بيعومياطلت خيلنا من صوب عرابه // لاجلك يابلادنا ضحوا الشبابياطلت خيلنا من تل سخنين // يومك يارضنا نحنا شاهدينياطبت خيلنا من فوق الرامه // تسلم ياشعبنا يابو الكرامهياطلت خيلنا من ارض البعنه // بغني ع بلادنا والجمع سامعنيياطلت خيلنا من ابو سنان // حبك يابلادي مكتوب ع لساني ويستمر المبدع الشعبي في رسم صورة الفرسان ، القادمين آلي معركة الأرض من كل القرى والمدن الفلسطينية , ليجسد بعملية تسجيل أسمائها في اللغة ، شكلا آخر من أشكال النضال , ضد عملية المصادرة والاستلاب . وتكثف الأغنية الخيار الوطني ، الذي خرجت الجماهير به من المعركة ، وهي اكثر ثقة بقدراتها , بعد آن جعلت من يوم الأرض مناسبة تاريخية تشهد على عزمها وتصميمها علىمواصة النضال حتى نيل جميع حقوقها الوطنية :- نحنا بشعب بلادي بنتغنى // ليوم الارض لصيتو رنهتحيا عنابه ودير حنا // كانوا فوارس كانوا يموتونا- لو ماعنا غير القوت // ابنصمد في اراضيناوبدنا نجاهد حتى نموت// لاخر واحد فينا

خبّر عن هذا المقال:





ليست هناك تعليقات: